شعر: شارلس سيميك

ترجمة: صادق زورة

 

ما كان على البياض أن يقول

 

لأنني الرصاصة التي اخترقت

كل فرد منكم،

فكرت بكم قبل أن تفكروا بي بوقت طويل.

مازال كل واحد منكم يتمسك بمنديل

ملطخ بالدم من أجل تكتيفي،

ولكنه بقي فارغا

وحتي الريح لم تسكن اليه لفترة طويلة.

بمكر إخترعتم لي إسما بعد آخر،

مزجتم الألغاز، وحرّفتم الأمثال

هززتم النرد في كوب الصفيح،

ولكنني لا أرد حتى علي  سبابكم،

ذلك لأنني أقرب اليكم من أنفاسكم.

من شق في السقف

 تشرق علينا شمس واحدة.

في الفجر تطل بي ملعقة من النافذة

صحن يظهرني للجدران الأربعة

بينما أطرد بذيلي الذباب

ولكن ما من ذيل هناك

والذباب ليس سوي خواطركم.

أرفعُ أذرعكم بثبات وصبر.

أرتبها بما يشبه شخصا يغرق،

ورغم ذلك فالبحر الذي فيه تغرقون

وحتي الظلام الذي يكلله، هو أنا.

لأنني الرصاصة التي عمّدت كل حاسة

من حواسكم، القصائد قد جبلت

من ليالي عرسنا الشهوية،

بهجة الكلمات كما ينكتبن.

الأذن التي أستيقظت في الساعة الرابعة فجرا

لسماع نمو العشب داخل الكلمة.

رغم ذلك، ما من حلِّ لأجمل الألغاز.

أنا الفراغ الذي يضمكم

كعش طائر غريٌد*،

الإظفر يخرمش لوحة نومكم.

خذ حرفا : من غيم لبصل

قل: لم يكن هناك خيار حقيقي.

أمّ نحيفة وغامضة

مسحت مؤخراتنا،

الميتم القديم نفسه علمنا الوحدة.

أرغن مليء بعلامات موسيقية زرقاء،

أنا القرد يرقص علي عزفكم ـ

ومازلتم خائفين ـ وهكذا،

وكأننا لم نتزحزح منذ البداية،

الوقت يمضي ونحن نسقط رأسا علي عقب

وبسرعة الضوء.

السن اللٌبنية التي تركتم تحت الوسادة،

تكشر.

 

 

منتصف المسافة

 

حالما غادرت المكان س

بدأت أشكك بوجوده:

شوارعه وحشوده الصاخبة،

مقاهيه المفتوحة طوال الليل وسجونه.

كان الوقت ظهرا.

المخابز تغلق أبوابها: كانت رفوفها

فارغة وبيضاءَ من أثر الطحين.

بائعوا الخضار يخفضون الحواجز

الحديدية لمحلاتهم.

امرأة جميلة كانت تشتري آخر البطيخات.

كان الزقاق الخلفي حيث ولدت

يظلم ويعتم...

أوه ياسطوحَ المنازل!

أساطيل من الشراشف والقمصان

في الغسق القرمزي الهائج.

لم يعد موجودا

المكان ص الذي أبتغي

إنهم يبنونه علي عجل

من أجلي،

ليكون جاهزا عند وصولي:

شوارعه وحشوده الصاخبة...

حتي مبني المدرسة

والذي زورت فيه لأول مرة

 توقيع أبي.

موقنا أنه سيختفي

يوم رحيلي

مثلما اختفي المكان س.

 

 

امبراطوريات

 

قد تنبأت جدتي

بنهاية امبراطورياتكم، أيها الحمقي!

بينما كانت تقوم بكي الملابس.

المذياع كان يصدح

إهتزت الأرض تحت أقدامنا.

وكان أحد أبطالكم يلقي خطبةً

وحش" قالت عنه."

زغاريد وإطلاقات نارية كانت تحتفي به

بيدي هاتين أستطيع قتله""

صرّحت لي.

مامن حاجة لذلك، سيأخذهم الشيطان

في أية لحظة.  

لا تثرثر مع أي أحد عن ما سمعته""

حذرتني

وسحبت أذني للتأكيد.

 

*شارلس سيميك: شاعر امريكي من أصل يوغسلافي. يعد من الأسماء البارزة في الشعر الأمريكي المعاصر. نال جائزة بولتزر للشعر عن مجموعته " العالم لا ينتهي،" 1990.

 

  ارسل هذه الصفحة الى صديق

اغلاق الصفحة