خبث المطارات

مفيد عزيز البلداوي   

واحداً.......................واحداً ترحلون ،

بمن سأبرهن للبعد أني قويٌ؟

بمن اهضم الغربة السليلوزية المستحيلِ؟!

سخيٌ طريق الرحيل .......

ويسكن بخلُ التقاط الوجوه الغريبة أمكنة

جمعتنا بذات وجـــــعْ...!!

بعثرتنا الطموحات ،

نقطع منها عميق الجذور فتنمو على متعَبات الأنامل...!

تشرب من دمنا كي تواصل رحلتها في مدى المنية المنقطعْ...!

واحداً ....

واحداً.....

تتركون يدي تتلمّس أغبرة جمعتها المواديع،

تسقط دمعتنا كي تزيِّنَ بسمتنا الانكسارية الاشتهاء،

تبلل بعض الطريق ................

لتصبح غربتنا المنتجــــــــــــــعْ

وتلمْلمُنا فرصة للضياع ،

تمارس لعنتها في وجوه المساكين ،

كم حاولت أن تبادلنا المكرَ ......لم تستطـــــــعْ

هذه بعض آثاركم ،

حُجَرٌ داخل القلب تسكنها همسات ٌ

كأدفء ما قد يكون الحنينُ.....

ولكن حقائبكم آلمتني......

وأتعبتها من حمولات شوقي .......ولم أرتدعْ

سأبقى أراوغ خبث المطارات ،

وهي تبلل ريق الغريب بأحلام من لبسوا فوق أكتافهم وطناً ورقياً...ن

ونيرانهم في الرقاب .......!! وفي المتَّسَعْ

لحظة لارتشاف المسافات في رحلة تستقلُّ وجوه الأحبة ،

تجعلهم مثل أحلى محطّات سكرٍ،

بأطول ليلٍ،

بصحبة أنثى الخيال المرصّع بالاحتمالات .........والممتنــــــــعْ

هكذا ترحلــــــــــــــــون .....

كأن الحُباب يجفُّ عليَّ فأبقى على ظمأٍ،

والسماء التي أمطرت قبلُ لم أشترِ وعدها بالمياهِ،

لذا سأرتب أشياءها في مدى نظري المنقطـــــعْ

وسأحزم أمتعتي كي أغادر........

لكنني لن أصافح غير يدي ...‍‍

وسأخدعني لحظة القص في قبلةٍ للمرايا ...........وقد أرتفعْ

ولأسقط في آخر الأمر من غضبي المرتفعْ

سأزوِّرُ وجهي لنصبح مثل صديقين لا يستطيع الرحيل التواجد بينهما ...‍‍

وسأرسم في دفتر الذكريات مساءاتنا،

واحتفاء الدروب بنا قاطعين .......................ولا ننقطعْ..‍‍!!

واحداً....

واحداً...

نكبةً ............نكبةً ..

وأنا صامد ....وأنا أستفزُّ البقاء فيحضنني كحميمٍ،

ويملؤني الارتباك فأنضح في خجلي رغبة الانحناء أمام المسافة ..

كي لا تضيــــــــــق ....ولا تتســــــــعْ...!

رغبةً بالرجوع إلى العقل ....

لا أستطيع الحديث عن اللحظات الجنونية الارتخاء......ولا أستمعْ

لنواقيسَ في عين ذاكرة تفقأ النظرة المشتهاة لرؤية أمس....

لأن مكاني من البرد في قسوة،

والفراغ المعذبني يتفاقمُ....!!

وحدي أمزقني ........!

لا أراكم على فاقدات الأسرة كالمنخدعْ

دار من هذه الغربة المستطيلةُ؟!

لم تتعافَ،

ولم تتشرّب هموم رماد إلى رغبة باحتراقٍ ،

وقلب اللهيب سيحتاج أكثر من(فيزة) للدخول إلى جوِّه المُمتَقَـــــــــــــعْ

عالم في غرابته المستفيضة أشبه باليتمِ،

رغم تعدد آبائه ....!!

لا ولن أستطيع سوى أن أعقَّ ،

وأضربه بالشتائمِ في كل فاصلة من قصور يدي تنتفعْ..!

الحكايات جمّعتها تحت كُمِّ القميص ،

فهلا أخذتم قميصي إلى وجه تلك البلاد التي عميت منذ عشرين عاماً

لتبصرَ أو تتدوّر مثل الرغيف أمام الجياع ،

قثبَيْل تحللها في لقيطات ساستنا من بِــــدعْ

وداعاً ..............

ولست أقول غداً نلتقي .....

وإلى أن .......

لأن غداً سوف نبحث عن كوكب آخرٍ

كي نعلمه الانتماء لنا ،

ثم نحرسه من جنون الحقائب ،

أو رغبات المحطات فينا ....!!

فصرنا على إثرها كالقطــــــــعْ

أصدقائي.........

بقيت وحيداً ...........!!

وما أُذهِلت كل مرضعة ...

ثم لا ذات حمل لهذا تضعْ

واقفاً مثل نخلٍ أموت وحيداً ...

وانتم جذوري

فكيف سأمتص أملاح أيامنا ...

ثم كيف سأورق في وحدتي...

وأنا واحد .....

وأنا واحدٌ.....

في الوجعْ...؟!

 

يدي والحقيبة

حديدية قبضة( اليانصيبْ)

وهشّاً يحدثنا الحظ عن مجدهِ،

ونقرفص في هدأةٍ وانتظارْ

يمرُّ القطارْ ...!

ويضحك ركّابه ، واحد يسرق الماء منا ،

وآخر حين تثاءب قال: غداً تحصلونْ

على حفنة من غبارٍ،

على مُدِّ ريحٍ ،

على اثنين صاعين من قبضة ( اليانصيبْ)

*

غريبان من كوكب واحدٍ ،

صديقان للسرِّ ،

نجرح أيامنا كي نلامْ..!

رفيقان نرفع للاعتلاء مجساً يشوِّشه ظالم ....وظلامْ

لإيلافنا رحلة ثالثةْ

من النفس للنفس في رحلة عابثةْ

وفي البحث عن تربة تتقبل منا الجذورْ

على عللٍ كثرةٍ ،

أو على خرَسٍ أو كلامْ

*

غريب أنا والحقيبة مجبورة ٌ....لا تفانيْ

أحاول أن أحمل القلب خارج صدري،

تحاول أن تتسرَّبَ من عتَمات الخزانة ِكيما نغادرْ

ولكنَّ نصف الخطى شلَّها الحب والحظُّ...!!

تبكي الحقيبة .............

لي رغبة ولها ......

والمحطات تغمرنا بالمشاعرْ

على عجلات من اليأس .....لا بأسَ

بعد غدٍ ربما ...........!

وتقول : غداً نتشقّقُ من ظمأِ الاغترابْ

غريبان يبتذران اليبابْ

وللملح فينا ملاحمُ.....

نزرع ورداً ...ونحصد شوكاً،

وللبرد فينا ملاحمُ.....

نستعطف الشمس ، نسألها موعداً ......ونقامر

(طرابلس) تحملنا في الجبين علامتها الفارقةْ

وفي (ميزران)* لنا حُلُم،

نتسربل بالبسمة الغارقةْ ٌ

ونكتم .......نكتم ُ،

والسرُّ يأكل فينا التراجعَ،

لا بوحَ....

نقتسم الوهمَ يا حسرةً ،

المداخن تُشبهنا ،

والاراجيل تشبهنا،

والمبادئ مثل الدخان تحلِّق في جوِّنا ......ونكابرْ

يدٌ للعراق تصافحنا في اعتطاف الشوارعْ

ووجه نزيّته بالحنين لننسى المدامعْ

ونافورة نتذكّر فيها دماً يتدفق من جرحه \ جرحنا،

ويعبُّ الرذاذُ المصائبَ ،

حتى نشمَّ يد الموت رائعةً..............ونصارعْ

نصــــــــــارعْ..........

نصــــــــــــــارعْ

ونشرب قهوتنا مُرَّةً ،

نتحدّث في خلوة للأصابعْ

وللمفردات امتعاضٌ،

وللشعر بعض الأسرّة نحملها بالأضالعْ

غريبان دولتنا من منى....والحدود تسكّر ُ أبوابها،

وتسكّر أبصارنا ،

وتشغِّلُ أغنية للشبابيك في العينِ،

ترقص في رفرفات الستائرْ

وخلف الرؤى رغبة لليباب المعسكر في القلب؛

أن يأفل العُشْبُ،

أن تتحوَّل كِذْبة هذا التمشي عن الخط ِّ،

أن تنتهي رحلة الخطِّ،

أن تتبسَّم فينا التصاويرُ........طيَّ الدفاترْ

*

أقول : ابعثوني إلى كربلاء .....أمشط جفن الفراتِ،

وأقرأ مرثيَّةً للعراق المسافرْ

تجيء الحمامات يحملن قلبي هديلاً .......تراباًن

ليغزو الغبار الغشاوة ّ،

أو يتمركز في الروح (ذبحٌ جديد) فـ ( تبلى السائرْ)

ويُفتَضَحُ الأمرُ ..........

كل غريبٍ قتيلٌ.....!!

وكل السبايا قصائد غادرها الارتياح ُ

وكلُّ الضمائرْ .........

رفـــــــــــــــــــــــاتٌ.................

وكل البلاد مقابرْ

 

*محلة سكناي في طرابلس -ليبيا

  ارسل هذه الصفحة الى صديق

اغلاق الصفحة