الصرخة

تنهض من جحيم الارض

من كل بيت أضاء القصف شرفة دمه

 من كل جسد داهم القتل بزناد الغدر وردة قلبه

 من كل جنين أفاق ليرى النوارس تتعمد بالزيت

 عاليا تحرث الهواء

 و تسال حصاد الفضيحة:

 كم طفلا سنغمد بين الصخور و فتوى القذائف؟

 كم جثة ستشتعل في عراء العذاب؟

 كم حربا ستنفجر كل نهار؟

ليمرح الطغاة حول نار القبائل

و ليعلن هواة الدمار خاتمة الكوارث.

 كل موت..

 نراهم حفاة يرجون الحدود بما تبقى من خطى

 بحرا من جراح يفاجىء تعب الصحراء

 وطنا يتوضا بالأنقاض

 و عراة يفترشون خرائب تتلو وصايا الفاجعة..

 كأن بغداد في احتضار مديد

مديد كوقت الذبيحة

بركان يكسر مخلب الخلافة

 و من قسوة حصار يقتحم المدن

نرى مطرا

 مطرا ينقض على رعشة العرش

لتخرج الشعوب من أشلائها

 من صدوع شجها العسكر رمحا رمحا

 حتى فاضت الارض بقناديل الدماء

 تنهمر الشعوب من سرادق القمع نهرا..

 نهرا.. و ترفع الرغيف عاليا في احتدام الهتاف.

 البلاد بكاء

 و المدى منفى

 نلوح لك ايها الدخان

 كن رئيفا بنا

 لا تقسو كحزن الأرامل

 لم يعد الموت كافيا لننسى

 و لا الدم الذى يحتضن الضحايا أخرس لنسأل

 و لا اللاجئون في حنان الجبال ساهمون لنسهو

قل لنا:

 كم قتيلا لم يمت؟

كم اسيرا لم يعد؟

 كم صرخة لم تصل من رئة العاصفة؟

 قل لنا:

 اى افق لنا؟

 غير خيط من حشرجة الريح

 غير همس دخان يحتضن دوار الخليج

قل لنا:

 و الثلج طريق

 و الجوع خيمة

 أي عقل يقبل فصاحة التواطؤات؟

 اى قلب يرى العراق حديقة موت و يخفق صامتا عما يراه؟

 أي عزاء يقوى نزف النواح؟

 و الاهل يغادرون عظام الاسلاف و جنة الذخائر

 كاسراب يمام منذور لحصاد الطعنات

لتهيم الجنازة وحدها

خلف صبية يجرجرون عريهم و صرخة موتاهم

 خلف نسوة يرفعن سهاد المهود و هياكل الرضع

كقرابين لقسوة القمم..

 يا لصباح الموت الصعب

 لك يا وقت تاريخ مطعون  بنسل مغدور

 لا يسال هاوية الملك

 هل ملهاة تدير الحفل

 قيامة تؤجج حكمة الهتك

  أم  ظلام شطرنج يلهو ببياض الأرض؟

  أما من مفر؟ 

كم رمادا تبقى لك يا مقبرة الريح؟

  كم جمرة لك أيها البيت البارد

لتمنح الساهرين مساءا أخيرا

قبل ان تجن الصاعقة ؟

 كم ألما تبقى أيها المستقبل؟؟

  بانتظارك نذبح

  كأننا الضحية و الوطن سيد العقاب!!

   يا ماء البصرة

   يا دم كربلاء

تهيا للصلاة على جثة الولاء

 فلا مفر..

  ثمة غبار أصفر يحنو

   يحرس جذوة الرفات

  و جماجم تؤسس المتاريس

  تصد ببياضها دخان المعارك

  و لا أحد  خلف الزناد

 غير غبار أصفر يعلن خديعة الهدنة.

   هل حنين يشبه اليأس

  تاريخ هو الخجل

كل ما تبقى لنا ؟

كل شيء يحترق الان

   بطيئا

           بطيئا

               ب ط ي ئ ا

في سهرة هذا الليل الطويل

   السماء تغادر

و الارض لغم في غمد الرماد

  و هذا النهار خاتم عرس

لكل مليك يجز رعاياه على صوان البيعة

  و البلاد خوذة 

مرهونة لجند مدججين بالفزع

و لاشيء

 لا شيء سواك

 سوى

صرخة

 تنهض من رميم الخنادق

 و بأس الملاجىء

 صرخة تقود الحشد النازف لمدار الذبيحة

 صرخة تمتحن ذاكرة الناس..

..  صرخة لتاريخ الهزائم.

 

فوزية السندي شاعرة من البحرين

  ارسل هذه الصفحة الى صديق

اغلاق الصفحة