مدار العنوان

وليد عبد الله

 

هل تغير العنوان؟ والعنوان أستواء الحجاب على عرش التغير والتبدل ؟

ام نفذت قيامتي من مياهها وامتلآت هياكلي بالأشباح والأنفاس الغريبة واستحفّت مداراتي خرائب الحجب والمكوث في دوائر التعنون؟

ام ان امتداد اسراري اهتز جوهرها و تزحزحت الى اسفل العروج الذي يمنح نفس الثياب نفس الارتداء في مدار العناوين المغلقة

ارتد  ثيابك فالأسفار لها طعم الحضرات نفسها والقاء البوارق هي أنفاس الوحي الدائم في جوهر أسمائك المعنونة للغياب ولم تكتمل دوائر حضورها مادام العنوان في الشأنية والتداول ما عليك الا ان تمسك يقظة الأجراس

 -  أجراس من؟

أجراس أغطيتك التي انتفخت بنوم النبوءات وما عليك الا اخراج اللغات المقطوعة والمبتورة وأكفان الكلام الملقى على  صدور اهل الوداع

ارحل بلا تلقين ولا عناوين و دس حجبك في جيب البرازخ بانتظار العبور والان اغفو فوق الصخرة الصماء حاوية الاقوال والمعارف

غفوت وانا اسمع اصوات اقدامهم و سلاسل صهيل افواههم وهم يبتعدون و يتخذون من اسمائي مدارج للعبور حتى ابتلّت اسمائي بدماء الخارجين والداخلين

انا دكة الأغفاء على باب الأرباب ولا مساء لي الا الليالي التي احاول بسنيني كلها ان امسك بليلة واحدة فقط

استيقظت يقظة جرس وحيد معلق برقبة كبش وحيد أُعدّ للفداء قرباناً وحيداً فقط  حينها علمت بالرحيل فتلمست وجوهي كلها فلم اجد نجومي التي ترجم الشياطين

امسكت بعصاي و توكّأت على جدار البكائين و أهل الادعية والتوسلات فامتلأت عصاي بالاسفار والحجب والنجوم و تبعتني ذاكرتي المرصعة بالتواريخ و ثوابت المعارف وبقايا النجوم المنطفئة

قالوا لي ارفع عصاك وتوسل واعلن توبتك ظاهراً وباطنا  بلا أقوا ل و قل لأسرارك المقيمة في سماوات العبور بأن ترحل حتى يؤذن لك بالدخول واقرأ ا ول الخرائط

قرأتُ ا ول الخرائط  رايت  منازل سري فوجدته يتكأ على الاوامر مشهوداً بلا شهود متعيناً في الثوابت ويغازل اهل التكرار في اول ابواب الذات وظاهراً في منافع اهل الحقائق

نظرت من فتحة الباب المقيم في انتظاري فمُدَّ من فتحة الباب خيط رفيع من الذهب البراق وناداني من وراء الباب : أمسكْ الخيط انه اول الطريق لرجل الغياب الذي يحطم ذاكرتي ويقبض على اسراري منذ زمن الاعتراض الاول والبحث عن الخلود وفي كل مرة لا يمنحني الا الزوال

يكثر من اسمائي و يبدل من صوري على مقابض العرش والملكوت و يغير عناويني كلها

صرختُ وانا امسك طرف الخيط : يا رجل الزمان لم احتفظ الا بالزوال فقط

فتح الباب

لهذا التزمت الولادة والخروج من رحم الكؤوس الميتلة بالبلاءات والملازمة لافواه الانبياء

شربت في تلك الليلة الوحيدة التي احضرت فيها سمات الليل كل الكؤوس ولم اشرب الا من يديه فقط كاساً أحمر وكأساً أصفر و كأساً بكل الالوان و كأساً بلا لون

توسطت بين عرشين فقيدني حينها بالمشاهدة والحضور وقادني الى فراش زفافي في تلك الليلة استرجعت نجومي التي ترجم الشياطين رأيتها ترتفع في سقف الغرفة الممتلئ نصفها بالمياه وانا اطفو وعروسي تحتي تتنفس اقوال الرب و تشرب من كل الكؤوس حتى وصلنا الى اول الباب الخارج و نحن نطفو على مياه العذرية و الجذب والفناء

رقصنا بأذكار أهل المعارف والاقوال و غنى اهل الحكمة والحقائق فرقصنا كل الليل و نحن ندور حتى الوصول الى اول الباب المفتوح الى العبور ولا تصل اليه الا بالرقص فوق المياه

فعبرنا اول الباب وجدت امتعتي قد حزمت و ارتدت امرأتي استار الاسفار ووجدت اطفالي الاربعة يجلسون على الحقائب و يلعبون بارجوحة الاكتاف المعلقة على استار العبور

اقتربت من اطفالي وانا اتلمسهم وابكي عليهم

قالوا لي : لقد علمنا الاقوام لغات شتى والعاب شتى .. اين كنتم؟

بكيت ثانية وجلست وامرأتي على الحقائب واطفالي تحت قدمي يتأوهون بلغات شتى ومعارف شتى و ولعب مصنوعة من شمع

قلت لهم : اغمضوا عيونكم الان حان الوقت كي نرى المدن التي نحلم بها واللذات التي نبحث عنها

قالت امرأتي : أخشى ان لا نستيقظ ابداً فتلوت عليهم كلماتي فاذا باهل القوارب يقتربون من نار عظيمة وبحر من شمع احمر يأمروننا بالصعود وبأيديهم رماح من لغة وكلام عجيب ... أختبأ الأطفال تحت عباءتي ووقفت أمرأتي على ساحل بحر الشمع الأحمر وهي تتدثر بالشمس وتصرخ باعلى صوتها :

يا رب .. يارب البحار المصنوعة من شمع أحمر.. أنه طفلي وحقائبه حقائبي وأولاده بكائي وتوسلي على صدور الخطابات التي تلتذ بالبلاء و مياهه رحم امتدادك للظهور .. يا رب لقد اذبنا بنيران عشقك كل القصور وهاهي قلادتك ردت اليك و فرعوننا ابتلعته المياه و أساور زفافي التي انفرطت في اول صراط التيه لا نملك أي شي ... هل لنا الأمان؟

أمسكت بأمرأتي التي تدثرت بالفناء و أرجعتها ألي

حراس المنايا الموكلون بالعبور يتدافعون نحوننا و ناديت: يا الله يا ربي هل تغير العنوان؟؟؟

لقد مزقنا كل خرائط العبور  ولم تعد حجبنا و أستارنا تسترق السمع من ورائنا والشهب قد مزقتالنفوس والشياطين يعبثون بالنجوم و أهل التكرار يتربعون على العروش و لا مقاعد هناك... يا الله أأذن لنا بالعبور

سمعنا أبواق حراس المنايا الموكلين بالعبور تطلق زفير ثيران بحر الشمع الأحمر فاقترب منا قارب طويل مصنوع من ثيران زرقاء و رجل قصير مصنوع من ذهب خالص أوما بعصاه الثلجية الينا و جعلها تحت أقدامنا و أشار بأصبعه المملوءة بالخواتم التي تتكلم .. اصعدوا .. أذن لكم بهذا

وصمت بعدها و لم يتكلم

فتلمست حقائبي المملوءة بالتوسلات واطفالي الأربع و امرأتي المدثرة بالثلج فسلمتهم حقائبي المملوءة بالتوسلات و أياتي المرسومة في خارطة انقطاعي عن التلفظ و دخلت اول الكهوف التي احتوت ولادة صمتي فارتجلت كلام المديح و قصائد الوحي التي عنونت جبين المصلّي في الأنحدار و تلفظت القراءة الأولى و رتلت سور الابتداء و رتبت حروفي و حروف عائلتي على مربعات فضاء الأفواه التي تبتكر الخطاب فشاهدت حصان زمن التعاقب من الليل والنهار فكانت اول الولادات..

نزلت من سلّم رحم الذات المصنوع من الياقوت الأحمر احمل لذّات المعارف و أحلم بالأتساع.. سمعت اصوات الآبواب التي تقفل ورائي تناديني :

ـ اقذف الجمرات على اصنام الخروج

قذفت الجمرات فرأيت الأصنام تجمع جمراتي وتعطيني مفتاح الدخول لتأويل الرؤيا

ندتني أمرأتي المتدثرة بالوداع :

ـ لا لا تلتفت أيها الشيخ و احمل عصاك فوق رأسك أخر ما تبقى لك و سبّحْ اسمه الأول والآخر

تقدمت خطوات على مرمر مرصع بأحجار تنطق بالسلام والمحبة فالتفتّ الى امرأتي كي أوصيها علي واذا انا بأعصار في انفاسه تدور بي ولا أرى الا اهل مقام الدوران فأومى اليّ اتباعه من اهل المدارات الموكلين بالزخارف والنقوش فأمسكوني من اطرافي كلها و شدوني الى اوتاد مسبحته و نقشوا مداراتي بخيوط ذهب و فضة و امسكوا قلبي فأقاموه وسط الزخارف و أودعوني بيت اهل التكرار

جلست امراتي ثلاثين عاماً تحكي لي الحكايات وتغزل بكلمات كتاب التجرد و الأنقطاع و تدون سورة الأبتداء و تشاهد كل اقدام اهل التكرار وتؤدي صلواتها على نقوشي و تدوس بمسامير طقوسها على قلبي الذي انطوى تحت ثقل الخطابات ولا منافذ هناك وتعاقبت ايادي النساجين في زخرفة المدار

قلت لها:

ـ هل تذكرين هو انا نفسه هو نفس البيت نفس النقوش التي جمعتنا في بحر الشمع الأحمر والقارب المصنوع من ثيران الذي ابتدأنا به بالتأويل وانتهينا بسجود التائه على كومة الجمر.

اهتزت جسور نقوشي من نيران العشق والفناء الدائم على رقصات اهل الوجد وانبسطت بعدها تحت اقدام المحدثين سبع سنين تحت مأدبة التعلم فداست أقدام الشيخ المتدثر بالبياض قلبي فألتفتّ اليه عندما شعر بالنبض يهز قدميه أمسكني من يدي ووضع يده الأخرى على رأس أمراتي و اقامني ثلاث سنين أول الرؤيا لأهل التكرار قال لي : ـ أخرج

التكرار جسري الذي يؤدي الى العدم ايها الغائب الشاهد أخرج من بئر مسبحتي السوداء  فالظلمةلغتي في العناق الخفي وتحت غطائي تولد اللحظات فوق وسادتي تنبت الدموع لغة من الحكايات المبتورة على جسور اهل المحبة و العشق وكلنا نبكي على الزوال ومن دموعنا تنبت   سلالم الوصول

انت مدرجة الوصول و مياهي وخطابي في عينيك و صليل اقوالي في فمك الملقى على تراب عبوديتي هي انا وانت ولا غير فأذا نظرت اليها انا وانت لم تخرج ابداً من منازل اهل التكرار والدوران فاخرج من بئر اغطيتي الى فضاء وجودي فكل ما عرفته هي الواح تطفو فوق بحر عرشي وساحلي هو التيه و الغوص هو منفاي بلا سؤال أذهب انك اول الفضائح لعالم الاسرار

قلت له ايها الشيخ انك تسمعني وترى كلامي وذهابي مع كل طرق السائرين التي لم تداو جروحي وعلى لساني طعم المرارة و جروح لا تستطيع مقاومة سيول الألم المتدفق  منجهات المعابد المقدسه فها أنا و أولادي وأمرأتي التي جرجرتها الأقدار لأتباعي نستند على قبب خضراء قطعها البلاء فأبتلينا بالتقطيع و التهجير والغربة والرحيل و كل ماله صلة بذلك فماذا افعل الآن ؟

نظر اليه الشيخ وأمتلأت عيونه بالدموع  لإانهمرت من عيوني انهاراً من الدموع لم تكن دموعي بل كانت انهماراً يجري من سماء عيوني كالبرق ويسقط اطفالاً كالنجوم تملأ جسد التراب أتلمسهم وأحركهم بعصاي فشعرت انه ليس بكائي أنها ليست دموعي بل هي دموع الشيخ المتدثر بالبياض يبكي بعيوني ليولد اطفالاً كالنجوم هم حراس السموات من اختراق الشياطين .

قال لي : ـ هل تسمع اصواتهم؟

سمعت مياها تجري وصليل زمن رجل يقف بين الدموع والانهمار بيني وبين الشيخ يقف في سماء بلا ظل يتأوه بأفواه الأطفال لعبة من ال.......... علمت بأن سريري صنع مصير جروح الانبياء فأعطاني ذلك الرجل عصاي التي تغير  لونها الى لون النجوم وقارباً مثقوباُ وقال لي : اذهب الى قومي واخطب بهم أن الأوان

اتكأت على عصاي ونهضت بنصف جسد مقوس و قارب مثقوب .. مسحت امرأتي على رؤوس اطفالي الأربعة وهي تقول : آن الأوان أيها الشيخ

رفعت رأسي الى أهل القباب المحاطة بالدعوات. شيخوختي صمت الأسماء في وجه النهارات والزمن خطيئتي المعلقة برقبة المرأة التي تدثرت بالشمس من هنا أيها القوم ومن هنا بالذات من فوق ومن تحت و على اليمين و علي الشمال وفي كل المدارات عليّ أن أرى كل شئ لأني الآن ومن الآن و من هذه اللحظة التي تعمدت بالوقوف بأني عيون الرب التي يرى بها كل شئ ويلتذ بكل شئ

قال الشيخ أنه سر الظهور وللظهور غياب الذات و توسلات الرؤيا في منافذ العيون التي اوجبت على نفسها اللامنام فالأحلام ثرثرة المعاني في مجالس الغياب .

جلست مع مداري الاخير الذي توسط فخذي القدر وغاص في شق العماء بين الوجود و العدم وامراتي المتدثرة بالضباب هي عصافير المعاني كأنها سراب متعلقة بأرجوحة الأطفال المنهمرين من أسرار رجل البياض

و على مرايا و رؤية الرب في نظري تلتذ بجنون الخطابات الممتلئة بالأمل المعزول أن اكون هو ..أن اكون انت .. ان اكون انا

كل الخيوط التي كانت معلقة بالشمس تكشف للأقوام الذين تجمعوا امام الصخرة الصماء التي انبجست منها شتى اللغات وكل الاطفال المنهمرين من دموعهم يسجدون امام اقدام الشيخ المتدثر بالبياض فيكشفون براءة الوقوع والخطيئة المرسومة على جبين المرأة تدثرت بالفراق وآن الأوان

رفعت امرأتي يديها في ساعة استيفاء الحساب يا الهي أن الحضور أعلانك عن أرادة التعري و مشيئتي هذا الطفل الذي تربى على التوسلات وغاص في عيون الدعاء يبكي وينتظر المساء وسلم بيني تطلع الصعود والنزول وهذا قلبي بين يديك و قد مل لعبة القرب والبعد و أصبح ليلاً واحداً فقط لا يجيد التخفي و جسدي لا يلتذ الا بسكر الفناءات وبتطلع الملائكة التقطيع و الخلاص

وضعت يدي على فمها يارب انها يتيمة الأبوين وقد خلعت النعلين فلا تؤاخذها بصولجان العرش لأنها لا تجيد كشف الشاقين على مرايا القوارير أننا لا نرى ألا بعينين

هكذا دعونا الى الوقوف و خلع الباب على دكة التوسل و هذا هو مقام الأسرار و أيام ملتفة بالسيقان أنها حضرات الأرتداد و تلاقي الأطراف هذا خطابي المبتل بالتلعثم لا غير فقط

ضحك الشيخ المتدثر بالبياض و شكرني على بياض قلبي الذي يشير اليه بالبياض و خط بعصاه في التراب  و كتب اسم الجلالة و قال انه المكوث وهذا يعني الوقوف داخل دوائر الوحي الأبدي كل ذلك يعني الانتظار في انتصاف الأضداد وكل ذلك ذكرى الشاهد في صحراء الغائب الذي استظل تحت استواء الاسماء الاولى على عرش الحقائق التي لا تتسع الا لخطابه على يمينك

غادرت النهارات شموسها وعلى اليسار تدثر الليل بستر الأقوال المهموسة والزمان اصبح أذيالا من الخطابات لا تحجبها الا ذاكرة الاتباع التي لحقت به و اختفت في حضن الارتجاف و منها ابتكرت اخر النبوءات

رقصت المرأة في الدائرة التي خطها الشيخ و ابتكرت مراسيم عرس أبدي و كشفت عن ساقيها وهي تردد أنها القبل الميته أنها ليالي الأحتضان و الولوج لقد طارت التيجان و انفتحت الأبواب الموصدة بالأسرار ـ يسر ولا تعسر ـ فالنخلة لا تهتز بل جذع الخطابات الذي ينطق الأطفال الممهدين أنها مقامات القلوب الجريحة بالأتساع ومنازل السكر الدائم التي نزفت بها اقدام الرب في مسيرة الأستواء

رفعت عصاي في ساحة الجمع الأخير والخروج نحو قوس النزول ناديت بأعلى و أعمق الأصوات : أيها الغائب آن الأوان ولا أوان يحيط بزمانك أن تطوي الخطاب تحت أبطيك وهاهي أيدينا مرفوعة و أقدامنا فوق صخرة الأنبجاس الأخير لمعارف التجرد وحاوية لكل القوال والمعارف والكنوز المختفية تحت ناقوس المحبة و رؤوسنا عانقت السيوف و قلوبنا أمتلأت بمسامير الصلب العيسوي الدائم وايام التداول والذكريات التي تشتعل في ارواحنا وتشير الى الأصبع المقطوع فينا والذي يناديك من وراء النهر ملئ بالعطش والرحيل ويقول لنا ان العبور لغة السواحل

نطق الشيخ المتدثر بالبياض ان الاصابع المبتورة والممتدة نحو الهجرة والتغريب والرحيل تشير الى رؤوس مثقوبة في أوانك الحاضر بلا حضور والمتجلي بلا اعتراض انها الينابيع التي غسلت كل الرقاب المقطوعة في الفسطاط والقافلة التي أبحرت بالرماح حاملة كل الرؤوس .. أنها اول اسرار صخرة الأنبجاس التي رضعت منها كل اللغات مشينا معهم انا و امرأتي وأربعة أطفال بلا حقائب ومعنا الشيخ المتدثر بالبياض

قال لي الشيخ : ماعليك الان الا عبور البحر وكفى

أدركت أننا افترقنا و انقسمنا الى نصفين منذ تجاوزنا البحر بعصاي جوهر الحجاب ومكنون الظل الساقط على مشيئتي بلا اغتراف ولو تجاوزنا البحر بعصاك لما طالني حجاب قدميك ولا ظلال سيقانك الملتفة ألا أننا ننظر بالأعتراض الدائم فترجمنا كل حضرات الأسماء بالألواح والمعارف و ننشد بالآرقام مع انغام الحرف الصماء ونبدأ بالأصفار حتى الواحد الممتد لثقوب سوداء تمتصنا الى امتدادنا فيك

وصلنا جميعا الى ساحل يمتد الى جبل الأعراف تسلقناه بالأدعية والأسماء و أتكأنا جميعا على الشيخ المتدثر بالبياض وهو يخطب بالآلاف و الملايين خطب الزوال والتكرار ومعارف الحضور للرب امتجلي على أسرار الأسماع والأقوال كلهم يركضون ويسجدون وكلنا نتجرد ونتعوذ

حمل عصاه المبتلة بالعبور و تكلم مع كل المدارات

نظرت الى الشيخ أنه يريد الرحيل والعبور

أشارت ألي أمراتي أنها ساعة الفصل

أمسكنا بأقدام الشيخ المتدثر بالبياض و صرخنا بأعلى الصوات :

ـ يارب لمَ لا بلا اعتراض هل لنا أن تقول الان أم لا بلا أعتراض نودع بعضنا بلا قبول وأن لم يكن ذلك بلا اعتراض

قالت أمراتي منفردة على جبل الاعراف مطلة على الحجر الأسود الذي لا يرديد البوح الآن عمت سيحدث :

ـ يارب أني أبحث عن حقي في معناك بلا اعتراض و لأنك كمال معنى القبول

و لأني نقص محض الأعتراض

ولأنك على مهل

و لآني على عجل

أدركت حينها أنها قالت أول أسرار اللسان المعلن عن التيه أربعين حضوراً بلا زمان و لحظة واحدة معمّدة باللغة و ماء الكلمات ولامساس  بالشهود و الأنتظار ولا أوان يحيط بحضوره و لا زمان

أسندتُ ظهري على بئر التطهير و تمتمتُ بأنكسار :

ـ أني أبحث عن ظل ٍ بلا جدار!

سقط الشيخ المدثر بالبياض على الأرض وهو يتمتم بأسماء لم أسمعها أبداً .. قلت : لم يأن الأوان أيها الشيخ

قال :

ـ لا زمان يحيط بأوانه ولا أوان يستقر فيه .. العبور لغة لا تموت .. ولا بدّ للشمس أن تأتي ولابد من الرحيل والعبور والعبور لغة لا تموت

اقتربتْ الشمس من قلب الشيخ و امرأتي تتلو كلمات لم أسمعها فوق راس الشيخ .. لا يأبه أحد بكل هذا الكلام ولا أحد يسمع ولا أحد ينصت ولا أحد يقول

لا يأبه أحد بأحد

قال الشيخ وهو يتحول الى بياض فقط لا غير: لولا التبرئة من الصدأ ما لمعت القلوب التي على أبواب حراسها المنايا ولا كُسرت الأقفال المعلقة في أفواه المجردين من الخطاب

ففطنة المهاجر أن لا يتوضأ من ماء عبوره لئلا يستدرج الى بيت التفاح و عرش التقبل والاعتراض والبراءة أولى من النكران لهذا أصبح للبراءة ساقين ملفوفتين من النور والظلام

اختفى الشيخ المتدثر بالبياض ولم يترك الا بياضه الساقط على مشيئتي

زحفت حتى الحائط الذي استوى به الظل مع ظلي في عيني المرأة المتدثر بالسواد وانا أتمتم وهي شاخصة الأبصار :

أني أبحث عن ظلّ ٍ بلا جدار

وليد عبد الله

رمضان 1999 سوريا دمشق

  ارسل هذه الصفحة الى صديق

اغلاق الصفحة