النص الاصلي  وهو تحت عنوان : شاكر لعيبي في العراء و يرمي احجارا

في البدء لابد من الثناء على النشاط الذي يمتاز به الشاعر شاكر لعيبي حيث نجده يكتب ويحاور وينشر في اكثر من صحيفة ومجلة وله جهد محمود بإنشاء اكثر من موقع إلكتروني في زمن رمادي يجعل اكثر المتفائلين عرضة للشعور بالخيبة أو اللاجدوى ، ولكن هذا الإسهال الكتابي قد يدفع صاحبه إلى الوقوع في فخ الاستسهال عبر إغراء النشر أو نجومية يسعى إليها الكاتب  بالسعي إلى المكوث طويلاً في دائرة الضوء من خلال إثارة حوار همه استفزاز الآخرين وإغراؤهم بالدخول معه في دائرة الجدل في أمور قد لا تستحق الوقوف عندها طويلاً فتصبح الكتابة من أجل إلقاء تهمة أو رد أخرى خاصة إذا كان الهدف من ذلك سعياً وراء كسب شخصي لا يضيف إلى المبدع شيئاً فتصبح الكتابة كمن يملأ الفراغ بفراغٍ يفضح كاتبه ويجعل الطرف الآخر مزهواً بإثمه مأخوذاً بعزته ، فعلى الرغم من أني أتفق مع الشاعر شاكر لعيبي في جوهر ما ورد في رده على الناقد حاتم الصكر إلا أني أرى أن تلك مسألة تحتاج إلى وقفة جادة ونزيهة وخالية من طموحات ومكاسب شخصية ساذجة فماذا يعني تجاهل اسم شاعر أمام طروحات لو وضعت أمام المحاكم الدنماركية ( القانون القضائي الدنماركي أرقى ما توصلت إليه البشرية من تسامح وعدل ورحمة ) لما خرج المتهم بها بأقل من السجن ثلاث سنوات ، فالذي يراجع افتتاحيات مجلة الأقلام ( الذي كان الصكر مدير تحريرها ) لعقد الثمانينات سيجد من الطروحات الفاشية والنازية ما يعف لسان غوبلز عن وقاحة النطق بها .

ما كان بودي أن أدخل طرفاً ثالثاً في الحوار الذي أثاره الشاعر شاكر لعيبي في صحيفتي الزمان والقدس العربي لولا أنه رمى حجره على نافذتي ، عندها وجدتُ لزاماً الرد عليه .

بعد أن أطلعتُ على أغلب مقالات شاكر وجدتُ أن كل مقال يضم أخطاءً فاضحة والسبب يعود إلى عدم أهلية الكاتب على إدارة دفّة نقاش سليم ، فهو لا يقول شيئاً بل يدّعي القول ليوهم القارئ بأنه يمسك أطراف موضوعه وبيقينية زائفة يكتشفها حتى القارئ غير الملم بالموضوع الثقافي ومن القراءة الأولى ، فإن كان الحديث عن التراث أوهمه نقص معرفته بأنه ضليع به لكن سرعان ما يقع بخطأ لغوي لا يقع به تلميذ مدرسة ابتدائية وحينما يكتب عن اللغات فهو لا يميز بين ال ( homeless ) و ال ( homesick ) ( راجع مقالته في جريدة الزمان المعنونة بـ ــ تهافت اللغة العربية على الانترنيت ـ ) (1) وحينما يحصي أسماء المبدعين يفشل حتى في حيازة لقب ( مختار محلة الثقافة ) إضافة إلى وقوعه في الخطأ الذي يعترض هو نفسه على الآخرين وأعني به العشوائية والانتقائية التي تعتمد على المزاجية والشللية ولابد من أن يذكر أسمه في مقدمة كل طائفة من الأسماء ولا ينسى أن يحشر بين الأسماء اسماً مجهولاً كي يوحي للقارئ بأنه يتوخى الدقة (2).

عدم سلامة لغة الكاتب تجعل القارئ يقرأ الجملة متكهناً معناها وليس بالضرورة أن يحظى القارئ بالمعنى المقصود لاسيما إذا كان سليم النية ثم يأتي الافتعال وادعاء المثاقفة ليزيدا ارتباك المقال غموضاً وتنافراً ، فهو عندما يبدأ القسم الثاني من مقاله ( هل شعراء السبعينات كائنات أيدلوجية محض ) المنشور في جريدة الزمان العدد 1106 وهو القسم الذي أجد نفسي معنياً بالرد عليه لأنه يخصني ، بالعبارة التالية ( إن ابتذال الشعر السبعيني مجرد رطانة أيدلوجية وسياسية يجد تعبيره البليغ على يد حميد العقابي ) وهو هنا يـشـيـر إلى مقالتي ( مشاهد صامتة لهاشم شفيق ــ حزن يطمره الافتعال ) المنشورة في جريدة ( الوفاق ) بتاريخ 27 آذار 1997 ) وهنا أرجو من القارئ الكريم أن يدقق في جملة شاكر لعيبي حيث وردت ثلاث مفردات ( ابتذال ، رطانة والبليغ )  فأنا على يقين من أن الكاتب لا يعرف معناها الدقيق فليس هناك من متعلمٍ يجهل بأن الرطانة هي لغة الأعجمي أو مجازاً هي الكلام غير المفهوم وهنا أرجو من القارئ أن يعيد الفقرة التي استلها الكاتب من مقالي فهل سيجد فيها أية إشارة تدل على ما يقوله شاكر لعيبي ؟ لكن استهانة الكاتب بمهنته وتسرعه وضعف حجته وغياب فطنته واستنفاره غير الواعي لرمي زجاج الآخرين بأحجاره ، كل ذلك جعله ينسى أنه جالس في العراء وعلى مرمى الآخرين ، ثم أنه يتحفنا بأسلوب كتابي جديد ( ربما أراد به أن يفجر اللغة العربية بديناميت جهله ) إذ أليس من المحير كيف استطاع الكاتب أن يجمع هنا بين الرطانة والتعبير البليغ  ؟ أم أن شاكر لعيبي وحده (  وليس لوحده )  يفهم ( الرطانة ) و( البلاغة ) بشكل لم تعرفه العرب من قبل .

يعود شاكر في الهامش موضحاً رأيه في مقالي فيقول ( هذه الفقرة مليئة بالمغالطات وعدم المعرفة بشعر هذه الفترة ونقدها وعلى سبيل المثال فهو يجهل بأنني قد كتبتُ منذ منتصف السبعينات مقالة في ــ الفكر الجديد ــ عن مشكلة حضور وزن واحد أو وزنين في الشعر العراقي الحديث )

وهنا أضع خطاً تحت كلمة ( يجهل ) الذي يعنيني لعيبي بها فأقول :

أولاً : أيـعـيـبـنـي أني لم أطلع ( وحقيقة أني أطلعت آنذاك ) على مقالةٍ كتبها مراهق ( لم أقصد الشتيمة بل إن شاكر لعيبي حينما كتب مقالته المشار إليها والتي يريد منا الآن أن نقر بأنها نقد، لم يكن قد تجاوز العشرين من عمره )

ثانياً : إن الإشارة إلى مقالته المذكورة تؤكد على أننا متفقان حول الظاهرة التي أشرتُ إليها في مقالي المشار إليه فلماذا إذن يتهمني بالجهل ؟ وأين هي المغالطات ؟

هذه الغفلة تؤكد ما ورد في بداية مقالي هذا بأن شاكر لعيبي يكتب من أجل الادعاء والنفاجة  وأن يملأ الفراغ بفراغٍ يفضح صاحبه بل يثير التقزز في نفس القارئ لما تنطوي عليه كتابته من ورم في ( أناه ) التي لا تجد من يصدق غناها سوى بعض المبتدئين الذين وجدوا متعتهم بكتابة رسائل المديح عبر الانترنيت ليسجلوا أسماءهم في ( دفتر الضيوف ) منتشين ( كشاكر نفسه ) بقراءة أسمائهم ، أما إذا أراد الصديق شاكر أن أعترف بأن له السبق في الكتابة حول ظاهرة ( حضور وزن واحد أو وزنين في الشعر العراقي الحديث ) فسأتنازل له ــ عن طيب خاطر ــ عن براعة هذا الاختراع العظيم !!

ثالثاً : في الهامش المخصص للإشارة إلى مقالتي خلط لعيبي الحابل بالنابل فراح يشير دونما مبرر إلى التأريخ السياسي للناقد حاتم الصكر بكلام قد يعممه القارئ الذي لم يستطع أن يتكهن بما يعنيه الكاتب الذي خلط الرطانة بالبلاغة !! وهذا يكشف مدى الوهم الذي يستبد بشاكر وضيق صدره الذي يوقعه بخطأ جسيم وهو وضع كل من يخالفه الرأي بسلة واحدة .

 

وأخيراً : أقول مخلصاً للصديق الشاعر شاكر لعيبي إن أدونيس بعظمة موهبته وما قدمه للشعر والفكر العربيين قد وجد أكثر من ناقد يتجاوز حرجه ويعلن ملله من تلك الـ ( أنا ) المتورمة بل إن أكثر من ( طفلٍ ) صرخ معلناً عري ( الإمبراطور ) فكيف الحال مع مَنْ يضيع كقطرةٍ في بحر أدونيس ؟

وكذلك أقول لشاكر : إن من يرمي الآخرين بحجر عليه أن يتعلم كيف يستخدم المقلاع .

 

إشارة

 

(1) في هذا المقال تظهر النفاجةُ عاريةً بوقاحةٍ ، فالكاتب هنا يحاول إيهام القارئ بأنه ضليع باللغة العربية وهو حتى الأمس لا يعرف قواعد كتابة الهمزة ( بحوزتي عشرات الأمثلة ) ، وهنا تجدر الإشارة بأن الكاتب نشر هذا المقال في أكثر من خمس صحف ومواقع ، فلماذا يا تُرى ؟ أيريد الكاتب أن يجعل من مقاله هذا بياناً يعلن فيه أخيراً بأنه تعلم كيف يكتب الهمزة ، وهذا يشير دون أدنى شك على تهافته اللغوي الذي ربما يجهله المبتدئون الذين يرسلون إليه رسائل الإطراء الساذجة ، ويشير كذلك إلى الشعور بالنقص فانطبق عليه المثل العراقي البليغ ( اللي بعبه صخل يمعمع ) .

(2) هنا يظهر واضحاً سلوك الضحية في درك سقوطها حينما تقلد الجلاد حتى بطريقة الكلام ، فشاكر هنا يؤرخ المنفى بيوم خروجه من العراق ( وكأن لم يسبقه أحد ) ويرسم جغرافية المنفى من موقع قدمه وبذلك يلغي عشرات الشعراء  وعشرات الأمكنة ، وكأنه يقول للقارئ بأن المنفى ابتدأ حينما وصل شاكر لعيبي إلى بيروت وبهذا يلغي شاعراً ( كأسعد الجبوري على سبيل المثال ) وصل إلى دمشق قبله بعشر سنوات وكتب قصائد نثر ناضجة في الوقت الذي كان شاكر يحبو ( خبباً ) أو على طريقة ( يا بطْ يا بطْ فعلن فعلن ) وشعراء آخرين توزعتهم منافٍ أخرى كإيران والجزائر وألمانيا وفرنسا والاتحاد السوفيتي .  

حميد العقابي شاعر عراقي يقيم في الدنمارك

                                            10 / 1 / 2002 دنمارك

 

  ارسل هذه الصفحة الى صديق

اغلاق الصفحة